الحسد:
وهو: «تمني زوال النعمةعن المحسود، وإن لم يصر للحاسد مثلها»(33).
وهو من أسباب انتكاس الفطرة، وحلق الدين كما بين المصطفى – عليه الصلاة والسلام – ذلك بقـوله في الحديثعن الزبير بن العوام – رضي الله عنه – أن رسول الله × قال: «دَبَّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين»(34).
والحسد هو الذي منع إبليس عن السجود لآدم عندما أمره الله جل وعلا: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَالَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (33) سورة الحجر، فأخرج من الجنة، وصارمرجوماً¼ {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىيَوْمِ الدِّينِ} (35) سورة الحجر .
والحسد صفة مذمومة منصفات اليهود؛ حيث وصفهم الله تعالى بها في مواضع من كتابه العزيز، ومنها قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْعِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْوَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍقَدِيرٌ } (109) سورة البقرة،وقوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَوَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا} (54) سورة النساء» .
والمراد من الحسد: الحسدالمذموم كما سبق تعريفه، وأما الغبطة فليس منها، وهي عدم تمنى زوال النعمة عن المحسود، بل يود أن ينال مثل ما نال، وإنما سميت حسداً من باب الاستعارة(35) .
قال ابن القيم – رحمهالله – : «أصول الخطايا كلها ثلاثة: الكبر: وهو الذي أصار إبليس إلى ما أصاره،والحرص: وهو الذي أخرج آدم من الجنة، والحسد: وهو الذي جرَّأ أحد ابني آدم علىأخيه. فمن وقي شر هذه الثلاثة فقد وقي الشر. فالكفر من الكبر، والمعاصي من الحرص،والبغي والظلم من الحسد» (36) .